فصل: الشاهد التاسع عشر بعد التسعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخبر عن استيلاء السلطان على بجاية ومقتل ابن مخلوف وما كان من الادارة في ذلك:

كان يعقوب بن مخلوف ويكني أبا عبد الرحمن كبير صنهاجة من جند السلطان الموطنين بنواحي بجاية وكان له مكان في الدولة وغناء في حروبهم ودفاع عدوهم ولما نزلت عساكر بني مرين على بجاية مع أبي يحيى بن يعقوب بن عبد الحق سنة ثلاث وسبعمائة كان له في حروبهم مقامات مذكورة وآثار معروفة وكان الأمير أبو زكريا وابنه يستخلفونه ببجاية أزمان سفرهم عنها وكان يلقب بالمزوار ولما هلك خلفه في سبيله تلك ابنه عبد الرحمن واستخلفه السلطان أبو البقاء خالد على بجاية عندما نهض إلى تونس سنة تسع وسبعمائة وأنزله بها وكان طموحا لجوجا مدلا ببأسه وقدمه ومكانه من الدولة فلما دعا السلطان أبو بكر لنفسه وخلع طاعة أخيه وأخذ له أبو عبد الرحمن بن غمر البيعة على الناس وخاطبوه بأخذ البيعة له على من يليه ببجاية وأعمالها فأبى منها وتمسك بدعوة صاحبه ونفس على ابن عمر ما تحصل له من ذلك من الحظ فجاهر بخلافهم وجمع واحتشد وتقبض على صاحب الأشغال عبد الواحد ابن القاضي أبي العباس الغماري وعلى صاحب الديوان محمد بن يحيى القالون مصطنع الحاجب ابن غمر من أهل المرية كان أسدى إليه عند إجتيازه به معروفا ورحل إليه عندما استولى على الرتبة ببجاية فكافأة عن معروفه واصطنعه وألقى عليه محبته ورقاه إلى الرتب وصرفه في أعمال الجباية وقلده ديوان بجاية فتقبض عبد الرحمن بن مخلوف عليه وعلى صاحبه وجمع الناس وأعلن بالدعوة للسلطان أبي البقاء خالد.
وارتحل السلطان أبو بكر من معسكر بظاهر قسنطينة وأغذ السير إلى بجاية ونزل مطلا عليها وأمهل الناس عامة يومهم وشرط ابن مخلوف على السلطان عزل ابن غمر وترددت الرسل بينهم في ذلك وكان الوزير أبو زكريا بن أبي الأعلام من الساعين في هذا الإصلاح بما كان له من الصهر مع ابن مخلوف وحين رجع إليه بامتناع السلطان عن شرطه منعه من الرجوع إليهم وحبسه عنده وزحف أهل المعسكر بالسلطان وخاموا عن لقاء صنهاجة ومن معهم من مغراوة أهل الشوكة والعصبية والعدد والقوة وأجفل السلطان من معسكره فانتهب وأخذت آلته وسلب من كان في المعسكر من أخلاط الناس ودخل السلطان إلى قسنطينة في فل من عسكره وبعث ابن مخلوف عسكرا في اتباعه فوصلوا إلى ميلة فدخلوها عنوة ثم وصلوا إلى قسنطينة فقاتلوها أياما ثم رجعوا إلى بجاية وأقام السلطان واضطرب أمره وتوقع زحف ظافر إليه من باجة واتصل به أن أبا يحيى زكريا بن أحمد اللحياني قفل من المشرق وأنه لما انتهى إلى طرابلس دعا لنفسه لما وجد أفريقية من الاضطراب فبويع وتوافت إليه العرب من كل جهة فرأى السلطان من مذاهب الحزم أن يبعث إليه بالحاجب ابن أبي عبد الرحمن بن غمر ليشيد من سلطانه ويشتغل أهل الحضرة عنه فورى بالفرار عن السلطان وتواطأ معه على المكر بابن مخلوف في ذلك.
ولحق ابن عمر باللحياني واستحثه لملك تونس وهون عليه الأمر وغدا السلطان عند فصول ابن غمر على منازله فكبسها وسطا بحاشيته وولى حجابته حسن بن إبراهيم ابن أبي بكر بن ثابت رئيس أهل الجبل المطل على قسنطينة والفل من كتامة يعرف قومه ببني نهلان وكان قد اصطنعه من قبل وارتحل بالعساكر إلى بجاية سنة اثنتي عشرة وسبعمائة واستخلف على قسنطينة عبد الله بن ثابت أخا الحاجب.
وأشيع بالجهات أن السلطان تنكر لإبن غمر وسخطه وأنه ذهب إلى ابن اللحياني واستجاشة على الحضرة وبلغ ذلك ابن مخلوف واستيقن اضطراب حال السلطان خالد بتونس فطمع في حجابة السلطان أبي بكر وتوثق لنفسه منه بالعهد بمداخلة عثمان بن شبل بن عثمان بن سباع بن يحيى من رجالات الزواودة والولي يعقوب الملاذي من نواحي قسنطينة.
وأغذ السير من بجاية ولقي السلطان بغرجيوه من بلاد سدويكش فلقاه مبرة ورحبا ثم استدعاه من جوف الليل إلى رواقه في سرب من مواليه فعاقرهم الخمر إلى أن ثمل واستغضبوه بعض النزعات فغضب وأقزع فتناولوه طعنا بالخناجر إلى أن قتلوه وجروا شلوه فطرحوه بين الفساطيط وتقبض على سائر قومه وحاشيته وفر كاتبه عبد الله بن هلال فلحق بالمغرب وارتحل السلطان مغذا إلى بجاية فدخلها وظفر بها وتملك بها حتى ربا ملكه وعلا وكان دخوله إلى بجاية على حين غفلة من أهلها واستولى السلطان على سائر المملكة التي كانت تحت إيالة أبيه بالجهة المعروفة بالناجية الغربية وتكمل واستوثق له أمرها وأقام في انتظار صاحبه ابن غمر إلى أن كان من الأمر ما نذكره إن شاء الله تعالى.